
ناشد عضو مجلس المحرق البلدي يوسف الريس صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء بتوجيه الجهات المسئولة في الحكومة للنظر في قضية ما يزيد على عشرة بحرينيين من العاملين سابقاً في ميناء سلمان لم تصرف رواتبهم التقاعدية منذ ثمانية أشهر. وكان هؤلاء المواطنون
يعملون رجال أمن في ميناء سلمان واختاروا أن يخضعوا للتقاعد المبكر إثر إخضاع الميناء لنظام الخصخصة، غير أن رواتبهم التقاعدية لم تصرف بعد بسبب بعض الإشكاليات مما عرضهم إلى ضغوط مالية هائلة.
وشرح هذه الإشكاليات عضو مجلس النواب الشيخ إبراهيم بوصندل المتابع للقضية: بعد عملية بحث مضنية في أروقة الوزارات تبين أن المشكلة ترجع والله أعلم إلى تأخر بعض هؤلاء المتقاعدين عن المبادرة بقبول نظام التقاعد المبكر، فيما تتحمل الإدارة مسؤولية تأخير طلبات جزء آخر منهم. وحدثت العقدة خلال هذه الفترة الانتقالية وذلك عندما تحولت مسؤولية الموانئ إلى وزارة الداخلية، وهو ما أحدث إشكالاً حول الجهة التي يجب أن فرقية التقاعد المبكر.
وأضاف بوصندل أن قوانين ديوان الخدمة المدنية لا تنص على آليات للتعامل مع هذه الحالات، وهو ما زاد من تعقيد المسألة.
وحول هذا الموضوع تحدث أحد المتضررين واسمه طارق محمد سعد الذي حضر إلى مكتب يوسف الريس مبيناً أنه وزملاؤه لم يتمكنوا من الحصول على إجابات حول الجهة التي يجب أن تفكك خيوط المشكلة.
وتساءل: مالذي يجب أن نفعله، هل نناشد رئيس الوزراء أم وزارة المالية التي خدمنا فيها سنيناً عديدة؟ هل يرضى المسؤولون أن يعيش المواطنون بهذه الطريقة وكيف أقابل زوجتي وعيالي وأنا غير قادر على إعالتهم وأتعذر لأطفالي عن عدم قدرتي على شراء الآيسكريم بادعائي أني لا أملك “خردة” وأنظر إلى ملامح الخيبة والشك في وجوههم فأدرك أنهم يعلمون الحقيقة!
وعرض طارق رسالة وصلته من أحد البنوك تمهله أسبوعين لمراجعة البنك حول تأخره في دفع قسط مستحق عليه يبلغ حوالي 200 دينار نتيجة عدم دخول راتبه الأساسي ــ أو التقاعدي ــ إلى حسابه الشخصي. وقال طارق إنه يشعر بالغبن ولا يتصور أن يتعرض أي مواطن بحريني إلى ما تعرض له، قائلاً بحرج يخفيه بابتسامة مجروحة: حسيت إني طرار.. اللي يعطيني دينارا وإلي يعطيني دينارين! وشرح الأوضاع المأساوية التي يعيشها مع زوجته وأطفاله الخمسة (من 4 سنوات إلى 16 سنة) إضافة إلى مساعدة أخته وابنتها، حيث أصبح يهرب من المنزل إلى المسجد خوفاً من انعكاس حالته النفسية وتحولها إلى غضب يطال زوجته أو أطفاله الذين يستمرون في طلب المصروف من دون أن يستطيع تلبية حاجياتهم. وأضاف: العديد من الأدوات في المنزل بحاجة إلى تصليح لكنني أؤجل كل ذلك إلى أن يشاء الله… ساعدني أهل الخير في دفع مصروفات روضة ابنتي كما أن أصدقائي سمعوني أتحدث عن إلغاء اشتراك ابنتي في مواصلاتها إلى المدرسة، فتكفلوا بالدفع وإحراجي يزداد اللحظة تلو اللحظة وكأن كرامتي تطعن في اليوم ألف مرة… وقد جفاني النوم حتى أنني كلما نمت ساعة أو ساعتين ثم رن جرس المنزل أو الهاتف قمت فزعاً أسأل زوجتي هل هذا دائن ينتظر نقوده أم هو محضر بالقبض علي؟
وأخذ طارق يستدين من البرادة حتى وصلت مديوناته إلى ما يزيد على سبعين ديناراً فتوقف البائع الآسيوي عن إعطائه بضائع جديدة، وهو ما دفعه إلى أن يبيع أثاثاً وتلفزيوناً وجهاز استقبال فضائي، لكن الراتب تأخر أكثر وأكثر مما دفع به إلى بيع ذهب زوجته وذهب بناته حتى لم يبق لديهن أي قطعة أخرى ما عدا دبلة الزواج فباعها من أجل تهدئة جوع أسرته. وتمكن طارق من مداراة دموعه طيلة الحديث إلى آن سأله أخصائي العلاقات العامة والإعلام عن ردة فعله عندما باع الدبلة، فأجاب بكلمة واحدة: ”صحت”، ثم تناثرت دموعه. أما عقيل محمد وهو زميل طارق في الميناء سابقاً فرغم أن حالته المادية أفضل من طارق إلا أنه اضطر لترشيد نفقاته أكثر من المعتاد، وكثيراً ما يضطر إلى ”مغاورة” أطفاله عندما يطلبون شراء بعض الحاجيات أو الألعاب. واضطر عقيل إلى شغر وظيفة براتب متدني وذلك لفترة مؤقتة، بينما يقوم بمراجعة حسابه في البنك كلما سنحت له الفرصة على أمل أن تتحول إليه ما يستحقه من مبالغ. وقص عقيل على العلاقات العامة قصة حزينة لزميل ثالث كادت إحدى الشركات أن توظفه، واضطر إلى أن يخفي عنها حقيقة كونه متقاعداً، غير أن الشركة شكت في أمره ورفضت توظيفه.
وأعرب عضو مجلس المحرق البلدي يوسف الريس عن أسفه لحال هؤلاء المواطنين الذين قدموا الكثير من أجل خدمة بلدهم داعياً ديوان الخدمة المدنية إلى التصرف السريع والفوري لوضع حل يحفظ لهم كرامتهم ويعيد فرحهم المفقود مبيناً أن ثقتهم ومحبتهم لوطنهم لا تزعزعها المحن حيث استمروا في محاولات تحصيل حقوقهم من دون اللجوء إلى وسائل تحدث بلبلة. وناشد الريس سمو رئيس الوزراء التدخل لتوجيه الجهات المعنية للتعامل مع هذه المشكلة.