أشاد النائب الشيخ عبد الحليم مراد بتوجيهات جلالة الملك حفظه الله تعالى للجيش والداخلية بمحاربة الإرهاب والتصدي له محلياً كان أو إقليمياً أو عالمياً ، فجلالته حفظه الله المكلف دستوراً بحماية الدين والوطن والأنفس المعصومة البريئة ، وتوجيهاته السامية عند زيارته قوة الدفاع كانت شافية في وضع النقاط على الحروف وتوجيه درع الوطن وجيشه لحماية بلادنا من شر كل ذي شر وإرهاب الفئة الضالة عليهم من الله ما يستحقون ، داعياً مراد الله سبحانه وتعالى أن يحفظ البحرين من الإرهاب ويوفق قيادتها وشعبها لما فيه الخير والأمن والصلاح .
وطالب مراد علماء الدين بتوضيح سماحة الإسلام ورحمته وأنه ليس دين جزّ الرقاب وقطع الرؤوس وتكفير المسلمين واستحلال الدماء المحرمة والتآمر على المجاهدين وقتالهم والتنكيل بهم ، وعلينا فضح خوارج العصر الذين لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة ويقطعون رؤوس المسلمين وهم ينطقون الشهادة ولا حول ولا قوة إلا بالله ، في حين يتركون الصهاينة والصفويين آمنين يسعون في الأرض فسادا ، فلو كانت “داعش” أو “الدولة الإسلامية” جادة في رفع راية الجهاد فلتذهب لتجاهد اليهود في أرض فلسطين أو الصفويين لا أن تعمل الذبح في المسلمين وتترك أعداء الله آمنين مستقرين .. “كبرت كلمةً تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا”! .
وأضاف ” إن الإسلام دين الله تعال الذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم , وهو دين جميع الأنبياء والمرسلين ، هذا الدين الذي اشتق عنوانه من (السلم) , وكانت تحية أبنائه (السلام) نهى عن ترويع المسلمين ولو على سبيل المزاح كما في حديث أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: [لا يحل لمسلم أن يروع مسلما].ونهى أن يشير المسلم لأخيه المسلم بحديده لئلا يرتاع , كما في حديث أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم): [من أشار إلى أخيه بحديده ، فإنَّ الملائكةَ تلعَنُه . حتَّى وإن كان أخاه لأبيه وأمِّه].وأمر النبي (صلى الله عليه وسلم) بالإحسان إلى كل شيء؛ بل أمر بالإحسان حتى إلى البهيمة في حال إرادة ذبحها؛ فعن شداد بن أوس أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: [إنَّ اللهَ كتب الإحسانَ على كلِّ شيٍء . فإذا قتلتم فأحسِنُوا القِتْلَةَ . وإذا ذبحتم فأحسِنُوا الذبحَ . وليُحِدَّ أحدُكم شفرتَه . فليُرِحْ ذبيحتَه].
بل أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإحسان والرحمة بالعدو في حال الحرب والقتال فعن بريدة بن الحصيب الأسلمي قال:[ كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا بعث أميرا على جيش أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله ومن معه من المسملين خيرا فقال اغزوا بسم الله وفي سبيل الله . قاتلوا من كفر بالله ؛ اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا].وعن عبد الله بن عباس أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: [كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا بَعثَ جيوشَهُ قالَ : اخرُجوا باسمِ اللَّهِ قاتِلوا في سبيلِ اللَّهِ من كفرَ باللَّهِ ، ولا تعتَدوا ، ولا تغلُّوا ، ولا تُمَثِّلوا ، ولا تقتُلوا الوِلدانَ ، ولا أصحابَ الصَّوامعِ].
وعلى هذا النهج في الرحمة إلى الخلق سار خلفاؤه (رضي الله عنهم) فعن نافع عن ابن عمر: (أن أبا بكر بن أبي قحافة رضي الله عنهم بعث يزيد بن أبي سفيان إلى الشام فمشى معهم نحوا من ميلين فقيل له يا خليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لو انصرفت قال لا إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول من اغبرت قدماه في سبيل الله عز وجل حرمهما الله على النار, ثم بدا له في الانصراف إلى المدينة فقام في الجيش فقال: أوصيكم بتقوى الله عز وجل لا تعصوا ولا تغلوا ولا تجبنوا ولا تهدموا بيعة ولا تعزقوا نخلا ولا تحرقوا زرعا ولا تجشروا بهيمة ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تقتلوا شيخا كبيرا ولا صبيا صغيرا وستجدون أقواما قد حبسوا أنفسهم للذي حبسوها فذروهم وما حبسوا أنفسهم له).
وما زال المسلمون الأوائل على هذا الحال حتى تطاول عليهم الأمد, فنبتت شراذم من المنتسبين للإسلام من حدثاء الأسنان, وسفهاء الأحلام؛ فرفعوا الشعارات, وتكلموا بأقوال خير البريات, لكنهم لم يفقهوا من الإسلام غير المطلقات, وجهلوا كثيرا من التفصيلات فأرهبوا لجهلهم المسلمين, وروعوا الآمنين, وتعدوا على المعصومين؛ فلم تشفع لهم صلاتهم ولا صيامهم ولا سائر عباداتهم إذ أمر النبي(صلى الله عليه وسلم) بقتالهم بل وقتلهم؛ حتى أنه قال كما في حديث أبي سعيد الخدري: [إنَّ من ضِئضِئِ هذا قومًا يَقرَؤونَ القرآنَ، لا يُجاوزُ حَناجِرَهم، يَمرُقونَ منَ الإسلامِ مُروقَ السهمِ منَ الرَّمِيَّةِ، يَقتُلونَ أهلَ الإسلامِ ويَدَعونَ أهلَ الأوثانِ، لئنْ أدرَكتُهم لأُقَتِّلَنَّهم قتلَ عادٍ].فقاتلهم الصحابة والتابعون, وما يزال الصالحون من هذه الأمة يقاتلون أذنابهم في قرن حتى يخرج في عراضهم الدجال.ومن أذناب ذاك الصنف: خوارج العصر الذين رفعوا –زوراً- راية الخلافة التي استباحوا تحتها الدماء المعصومة؛ فأعملوا سيوفهم في رقاب المسلمين والمستأمنين والمعاهدين؛ ونهبوا أموالهم, لا بل واستباحوا الفروج المحرمة, لا يردعهم عن غيهم هذا وازع من دين أو بقية ضمير؛ فكان واجب على ولاة أمور المسلمين من الحكام والعلماء أن يقوموا بواجبهم في دفع بغي هؤلاء؛ فيدفعه العلماء بالقلم والبرهان, كما يدفعه الأمراء بالسيف والسنان, والواجب على سائر المسلمين إعانة أولياء الأمور في شرور هذه الفئة الضالة المنحرفة عن سماحة الإسلام كل بحسب استطاعته ومكنته.والله نسأل أن يحفظ على ديار المسلمين أمنها وأمانها, وأن يجنبها الفتن بواطنها وظواهرها, والله ولي التوفيق.