
في تغطية إخبارية لشبكة الوليد للإعلام أعلنت إحدى فصائل المقاومة العراقية عن عملية نوعية نفذتها مؤخراً في جنوب بغداد كتيبة مقاتلة لجيش الراشدين وذلك ثأراً من العدوان الأمريكي على قرية البوكمال السورية وسقوط عدد من الشهداء المدنيين الذين قصفتهم مروحيات الاحتلال الأمريكي في السادس والعشرين من أكتوبر الماضي، وأوضح الناطق باسم الفصيل المقاوم أن العملية تم توثيقها وتصويرها وهي في طور إعداد المكتب الإعلامي بحسب إشارته الواردة في التصريح.
هل العملية مستغربة! كلاّ ليس فقط من ناحية مستوى الشعور والتضامن الفوري الذي تعيشه المقاومة العراقية كمبدأ التزام ومنهج إسلامي وترابط أممي عربي وهو ليس جديداً في قوة الرد وسرعته حيث سقط أكثر من عشرة جنود لقوات الاحتلال في هذه العملية بحسب التصريح لكن السؤال القائم دائما في مواجهة الحقيقة الكبرى التي نعيشها، كان ولا زال أن المحصلة النهائية لعدوان الاحتلال على العراق انتهى لفشل ذريع وتطويق قوي حمل السياسة الأمريكية على الانقلاب على مشروعها الإعلامي السياسي لأرضية الاحتلال في كل المواقف انتهاءً بما صرح به الرئيس المنتهية ولايته جورج بوش من أنه أخطأ بالفعل حين أخذ قرار الحرب بناء على معلومات استخبارية مغلوطة. وهذا الاعتراف رغم انه يدين واشنطن إدانة تاريخية لتلفيقاتها المختلفة وأكاذيبها التي جعلتها قاعدة انطلاق للعدوان الهمجي الإرهابي على الإنسان والأرض العراقية إلا أنه هو في ذاته كما يعلم الجميع بأبجدية سهلة كذب وبهتان لماذا؟ إن الجواب الوحيد على أسباب كل هذه العثرات والكوارث التي عانتها قوات الاحتلال إنما حصل وتجسد من خلال أمرُ واحد أول ويسبق أي تطور سياسي لاحق عليه، إنه هزيمة واشنطن على أيدي المقاومة العراقية في كلا نسختي مشروع الاحتلال ولو أن المحتل نجح في تحقيق برنامجه من الغزو وتغيير العالم العربي بناء على ذلك النجاح لما سمعنا اعتذار جورج بوش ولا هتاف أوباما بالتغيير هذا هو حديث السياسة الأمريكية ودواوينها الإعلامية والإستراتيجية ومن هنا ندرك تماماً حجم التغييب الأسطوري للتغطية الإعلامية والمعنوية لنصر المقاومة العراقي على الميدان.نعم النصر لم يكتمل في أفقه السياسي وحسمه العسكري الشامل بسبب وجود قوة احتلال أخرى ذات طبيعة تمزيقية للمجتمع العراقي وانتماءاته تقاطعت مع بقايا الاحتلال السياسي وعمليته الإجرائية، لكن الحقيقة الكُبرى أن جيش الاحتلال قد طُوق في ميدان المعركة بالفعل وانتهى لهذه النتيجة ولذا فإن نوري المالكي نقل تهديد الأمريكيين في حكومة بوش بسحب هذه القوات فجأة وبلا تنسيق إذا لم يصادق على الاتفاقية، وعندها قرر الإيرانيون تكليف ائتلافهم بالمصادقة لضمان أن لا تتقدم المقاومة في هذه الفترة معززة النصر ووارثة له قبل أن يُجري الإيرانيون تغييرات الواقع شراكة مع باقي الاحتلال لصناعة الصفقة المزدوجة والتي يُرجى منها أن تتخلص من الهاجس المرعب للاعتراف التلقائي بأن من حقق النصر وقدم الفداء ونهر الدماء وحافظ على وحدة شعبه ووحدة نسيجهم وسلامة دمائهم وهي هنا المقاومة العراقية ستتقدم لإحراز النصر الأكبر للعراق العربي المقاوم، وهذا الحسم لدى واشنطن من اعترافها بهزيمتها على يد المقاومة العراقية هو الذي دفع أوباما مجدداً وبصورة صريحة وواضحة أن يؤكد عزمه على السحب المبكر لقواته في العراق والتنسيق مع إيران في أفغانستان لمواجهة طالبان. وغداً نكمل إن شاء الله.
صحيفة الوطن
9-12-2008