قبول الهاجري من الرياض: إتفقت الإدارات الأميركية الأربع الأخيرة على العداء ذاته للدولة العراقية، فمنذ عهد الرئيس الأميركي رونالد ريغان والعراق يشهد صراعات دموية كبدته الكثير من الخسائر البشرية والاقتصادية وأثقلته بالعديد من النكبات.
حيث كان لعلاقة ريغان مع قيادات من الثورة الإيرانية في الثمانينات الميلادية دور في تدبير صفقة أسلحة إسرائيلية استخدمت في الحرب الإيرانية العراقية، فقد زودت أميركا إيران بسلاح قيمته مئات الملايين من الدولارات الأميركية، كما شاركت في التركيب المعقد للأسلحة المستلمة مقابل إطلاق سراح رهائن من مواطنيها في لبنان.
وفي مطلع التسعينات الميلادية قاد الرئيس الأميركي جورج بوش الأب تحالفًا عالميًا لتحرير الكويت من الغزو العراقي، على الرغم من تأكيد السفيرة الأميركية ببغداد أبريل غلاسبي للرئيس العراقي صدام حسين بأن بلادها لن تتدخل في خلافها مع الكويت. وبعد ذلك اللقاء نشرت الواشنطن بوست خبرًا مفاده أن وزير الخارجية الكويتي أغمي عليه، حينما قابل ممثل العراق في القمة العربية التي عقدت في السعودية، اغسطس 1990، وذلك إثر كشف وثيقة حصلت عليها المخابرات العراقية ذكر فيها “أنه تم عقد لقاء بين رئيس المخابرات الكويتية فهد احمد الفهد ورئيس وكالة المخابرات الأميركية وليام ويبستر في نوفمبر 1989 وتم التداول في كيفية زعزعة الاقتصاد العراقي لممارسة الضغط على العراق لحل المشاكل الحدودية العالقة بين البلدين”.
وفي ولاية الرئيس بيل كلينتون ظلت العلاقات بين البلدين متوترة حيث استمرت الطائرات الأميركية في مراقبتها لمنطقة حظر الطيران وأصدرت الإدارة الأميركية في أكتوبر 1998 “قانون تحرير العراق” الذي كان عبارة عن منح 97 مليون دولار لقوى “المعارضة الديمقراطية العراقية” وكان بيل كلينتون متفقًا مع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بأن أي عملية عسكرية واسعة النطاق سوف تكون غير مبررة في تلك الظروف.
وبعد أحداث سبتمبر وإدراج اسم العراق في “محور الشر” بدأت الجهود الدبلوماسية الأميركية بالتحرك للإطاحة بحكومة صدام حسين، وكان ذلك في ولاية بوش الابن الحالية، ومن تبريرات الإدارة الأميركية لشن الحرب على العراق هو استمرار حكومة الرئيس العراقي السابق في تصنيع وامتلاك “أسلحة الدمار الشامل”،والتي لم يتم العثور عليها حتى الآن، ومن تبريراتها أيضًا امتلاك حكومة صدام لعلاقات مع تنظيم القاعدة ومنظمات إرهابية أخرى، كذلك نشر الأفكار الديمقراطية في الشرق الأوسط.
أما المناهضون للحرب فقد كانت تبريراتهم على النقيض تمامًا، إذ اتهموا الحكومة الأميركية بدعم الدولار الأميركي ومحاولة الهيمنة على سوق النفط العالمية،وضمان عدم حصول أزمة وقود في الولايات المتحدة بسيطرتها بصورة غير مباشرة على ثاني اكبر احتياطي للنفط، والدفاع عن المصالح الشخصية لبعض شركات الأعمال والدفاع الكبرى في الولايات المتحدة الأميركية.
ويستمد العراق أهميته الاقتصادية كونه يحتل المرتبة الثانية بعد السعودية في حجم احتياطي النفط العالمي، حيث يتمتع العراق باحتياطيات تبلغ 112 برميلاً من النفط المؤكد، وتسعون في المئة من النفط العراقي غير مستكشف فتقدر التقارير أن الآبار غير المستكشفة تحتوي على نحو مئة مليار برميل. كما يمتاز النفط العراقي بانخفاض تكاليف إنتاجه على المستوى العالمي.
والولايات المتحدة الأميركية هي المستورد النفطي الأول من العراق بنسبة تتجاوز خمسون في المئة. وللوقوف على وضع النفط العراقي في الفترة الحالية ونظرية المؤامرة الأميركية عليه ومساهمة الأوضاع غير المستقرة أمنيًا في العراق على ارتفاع سعر برميل النفط في الفترة الحالية “إيلاف” التقت بالخبير النفطي والإعلامي الاقتصادي الدكتور وليد خدوري رئيس قسم الاقتصاد في صحيفة الحياة، وهو الفائز الأول بجائزة التميز في مجال الصحافة البترولية والتي أعلن عنها على هامش فعاليات القمة الثالثة للدول المصدرة للنفط أوبك المنعقدة في الرياض 2007.
نظرية المؤامرة الأميركية على النفط العراقي
لم يستبعد خدوري أن يكون للنفط دور في اتخاذ قرار الحرب الأميركية على العراق، وقال على الرغم من أن موضوع النفط لم يثر بتاتًا من قبل المسؤولين الأميركيين قبيل وأثناء حرب 2003، وعلى الرغم من أن الحجج وراء احتلال العراق كانت جميعها سياسية، وعلى الرغم من النفقات الباهظة التي تكبدتها الولايات المتحدة حتى الآن في حربها في العراق، والتي قد تفوق أي أرباح ممكن أن تجنيها شركاتها النفطية في عملياتها المستقبلية في العراق، إلا أن أنه من الصعب جدًا أن ننسى دور النفط في اتخاذ قرار الحرب على العراق من 2003 وحتى الآن.
هل هي مؤامرة؟ لا اعتقد أن هذا الوصف هو الصحيح لما حدث، ويستكمل خدوري موضحًا لقد توافقت مصالح عدة جماعات سياسية داخل وخارج الولايات المتحدة في تهيئة الأجواء المناسبة للاحتلال، كما وفرت الأخطاء السياسية الداخلية في توفير الأعذار والحجج والمناخ الملائم للغزو.
وتابع لكن في نفس الوقت، إن الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة في الاستعجال من اجل تغيير كيان الاقتصاد العراقي، ومن اجل تمرير قانون النفط، تثير الشكوك في الأهداف النهائية للحرب. فقد استعجل السفير بريمر مباشرة بعد الاحتلال في تغيير هوية الاقتصاد المحلي دون الأخذ في الاعتبار الأوضاع ا